لقد نظمت المعارضة مسيرة ناجحة. في يوم 29 أكتوبر الماضي، حيث انتهت مسيرتان في واحدة عملاقة ليقول المتظاهرون لا للحوار الأحادي، لا للعبث بالدستور، لا للظلم والاعتقالات التعسفية، لا لغلاء المعيشة والإفقار المتصاعد، لا للبطالة والمحسوبية التي حولت إلى نظام الحكم، لا للإثراء غير المشروع من قبل أقلية صغيرة، واستبعاد الغالبية العظمى، لا لوصاية الجيش وأخذ الدولة رهينة من قبل أوليغارشية. صاح المتظاهرون بأقصى استيائهم من ديمقراطية مبتورة، وأزمة سياسية المستمرة والتسيير الفوضى للبلاد.
وبعد أقل من أسبوعين من اختتام هذا الحوار، الذي كان مونولوجا أكثر منه شيئا آخر، والذي تم خلاله تقديم الإصلاح الدستوري المطلوب من قبل الحكومة، فقد قررت المعارضة، بجميع مكوناتها القيام بضربة قوية. ولإثبات أنها لا تزال تستطيع أن تعبئ وتفند، من خلال الأفعال، أولئك الذين يريدون دفنها وهي لا تزال حية ترزق. ورغم إعلان ولد عبد العزيز أنه لن يمس المادة 28 المثيرة للشقاق، والتي تحد المأموريات في اثنتين – وهي وسيلة لسحب البساط من تحت أقدام المعارضة، في حين كانت قد أعلنت فيه مهرجانها ولم تقبل تصديق ما قيل لها في هذا البيان. لقد سبق خداعها عدة مرات وحرصت على إرسال إشارة قوية من خلال تعبئة أكبر عدد ممكن من قواتها، ونجحت في التحدي. ويبقى الآن الحفاظ على الضغط لمواجهة الدوافع الخفية لنظام قرر التصرف بمفرضه وإجراء الإصلاحات خارج أي إجماع سياسي. فهل ستنجح المعارضة في منعه من تنظيم “استفتائه”؟ وهل ستثنيه عن ما يريده؟ هل سيدرك ولد عبد العزيز في نهاية المطاف أن الأحادية ليل تخدم مصلحته الشخصية ولا مصلحة البلاد وأن المجازفة على هذا الطريق تشكل مغامرة خطيرة؟
إلا إذا كان يريد أن يقودنا نحو مستقبل أكثر غموضا، يجب يجب على الرئيس استخلاص الدرس بسرعة ودعوة المعارضة إلى حوار صادق، مع منحها كافة الضمانات، مؤمنا بذلك خروجا مشرفا. وسيجد الجميع في ذلك ضالته المنشودة. ربما باستثناء أولئك الذين يدفعونه، وراء الكواليس، إلى سحق الدستور (كما حاول كومباوري وتانجا) أو محاولة لعب الوقت الإضافي على طريقة كابيلا. إن هؤلاء لم يفهموا أي شيء. وقد أثبت الشارع يوم السبت الماضي أنه لن يسمح بالتلاعب به في المستقبل. لقد هبت رياح جديدة. ومعارضها بمجرد الرياح لن يفعل سوى تقويتها، مثل ادعاء معارضتها : إن مسيرة يوم السبت هي مسيرة التاريخ. نحو إقامة الديمقراطية الحقيقية أخيرا والتي تتميز بالتناوب الحقيقي المسؤول في تسيير الشؤون العامة.